Tuesday, May 3, 2011

مصر التي في خاطري


 أذكر جيدا  اول زياره لي لمصر عندما كنت حديثة السن و سافرت اليها بصحبة اسرتي لقضاء الإجازه. كم انبهرت بها و بمعالمها و بنيلها العظيم واهلها الطيبين. لن انسى منظر الأهرامات وهي تطل علينا في اخر شارع الهرم الذي كانت حينها لا تزال بعض اراضيه زراعيه. لم اكن اعلم اني ساعود لهذه البلده الطيبه لأمضي فيها سنين دراستي الجامعيه و أحلى سنين عمري وان مصيري سيرتبط بها إلى الأبد فتصبح مصر هي وطني الجديد.
لقد كان ابي رحمه الله  محبا لمصر فقد فر اليها هاربا من اليمن هو و البعض من زملائه اليمنيين المكافحين ضد حكم الإمام احمد بن يحيى حميد الدين طالبين العلم في ربوعها فالتحق هو وجزءا منهم بجامعة القاهره. كانت  مصر يحكمها حين ذاك الرئيس جمال عبد الناصر لذا فقد كان شيء طبيعي ان اترعرع بحب مصر وتغرس فيني مشاعرالقوميه العربيه و وارتوي الإيمان بالوحده العربيه.
 كان ابي  فخورا ايضا بما مثلته مصر للعالم العربي و دورها الريادي في الشرق الأوسط و القيادي في العالم انذاك و فضلها عليه وعلى اليمن وعلى البلدان بل الشعوب العربيه كلها.  لقد كانت الثوره المصريه بمثابة الصحوه و العوده لتلك الايام التي طالما حدثني ابي عنها في جولاتنا الكثيره معا  في شوارع وسط البلد مرورا بمكتبة مدبولي لاقتناء الصحف  ثم وقوفوفا بجروبي حيث كان ذلك المكان عزيز عليه لما يمثله من ذكريات جميله.

 لقد عشت الثوره المصريه بكل معاناتها و تفاعلاتها تماما كما لو كنت في ميدان التحرير. نعم للأسف لم اكن هناك قالبا و لكني كنت هناك  قلبا. وارتدت فيني الروح يوم النصر حين اعلن عن خبر التنحي و خرجت الأمم لتحتفل في ميدان التحرير وكافة ميادين و شوارع جمهورية مصر العربيه كما احتفل بها كافة الشعوب العربيه. كم تمنيت ان يكون ابي حاضرا ليرى الشعب المصري العظيم  يهب و يقوم و يثور ثورته الجباره التي دونها التاريخ ولا يزال  و كيف يستعيد المصريون  مجد مصر ببناء حاضره الجديد. كل يوم يثبت الشعب المصري العظيم جدارته بالإحترام لثباته وتمسكه بأهداف الثوره وتصميمه على مكافحة الفساد الذي شل الكيان المصري. وتتوج قيادته المؤقته برئاسة عصام شرف وبالإخص قرار إعادة فتح معبر رفح هذه الثوره و تأكيد سيادة مصر و إستعادتها لمكانتها كزعيمه للأمه العربيه الحره الأبيه و أملنا فيها كبير لنصرة فلسطين و تحقيق السلام العادل و الشامل.


 ومن اجمل ما قرأت عن مصر مقال بعنوان انصفوا مصر للصحفى السعودى "جميل فارسى" الكاتب في جريدة المدينه و الذي نشر بتاريخ 186-2008 ,اليكم ما كتبه:

يخطئ من يقيّم الأفراد قياساً على تصرفهم في لحظه من الزمن أو فعل واحد من الأفعال ويسري ذلك على الأمم, فيخطئ من يقيّم الدول على فتره من الزمان, وهذا للأسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب العرب الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر.
تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء وبلا امتنان وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر. 
هل تعلم يا بني أن جامعه القاهرة وحدها قد علمت حوالي المليون طالب عربي ومعظمهم بدون أي رسوم دراسية؟ بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين؟
وهل تعلم أن مصر كانت تبتعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول العربية المستعمرة حتى لا تضمحل لغة القرآن لديهم, وذلك كذلك على حسابها؟ هل تعلم أن أول طريق مسفلت إلى مكة المكرمة شرفها الله كان هدية من مصر؟
حركات التحرر العربي كانت مصر هي صوتها وهي مستودعها وخزنتها. وكما قادت حركات التحرير فأنها قدمت حركات التنوير. كم قدمت مصر للعالم العربي في كل مجال، في الأدب والشعر والقصة وفي الصحافة والطباعة وفي الإعلام والمسرح وفي كل فن من الفنون ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج فقهاء القانون الدستوري. جئني بأمثال ما قدمت مصر.
وكما تألقت في الريادة القومية تألقت في الريادة الإسلامية. فالدراسات الإسلامية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان لها شرف الريادة. وكان للأزهر دور عظيم في حماية الإسلام في حزام الصحراء الأفريقي، بل لم تظهر حركات التنصير في جنوب السودان إلا بعد ضعف حضور الأزهر. وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية الإصلاحية
أما على مستوى الحركة القومية العربية فقد كانت مصر أداتها ووقودها. وإن انكسر المشروع القومي في 67 فمن الظلم أن تحمل مصر وحدها وزر ذلك, بل شفع لها أنها كانت تحمل الإرادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة. 
إن صغر سنك يا بني قد حماك من أن تذوق طعم المرارة الذي حملته لنا هزيمة 67, ولكن دعني أؤكد لك أنها كانت أقسى من أقسى ما يمكن أن تتصور, ولكن هل تعلم عن الإرادة الحديدية التي كانت عند مصر يومها؟ 
أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد. وفي ستة سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش المنكسر إلى اسود تصيح الله أكبر وتقتحم أكبر دفعات عرفها التاريخ.مليون جندي لم يثن عزيمتهم تفوق سلاح العدو ومدده ومن خلفة. بالله عليك كم دولة في العالم مرت عليها ستة سنوات لم تزدها إلا اتكالاً؟ وستة أخرى لم تزدها إلا خبالا.
ثم انظر, وبعد انتهاء الحرب عندما فتحت نفقاً تحت قناة السويس التي شهدت كل تلك المعارك الطاحنة أطلقت على النفق اسم الشهيد أحمد حمدي. اسم بسيط ولكنه كبر باستشهاد صاحبه في أوائل المعركة. انظر كم هي كبيرة أن تطلق الاسم الصغير. 
هل تعلم انه ليس منذ القرن الماضي فحسب، بل منذ القرن ما قبل الماضي كان لمصر دستوراً مكتوباً. 
شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية، لكنه كم انتفض ضد الاستعمار والاستغلال والأذى العام.

مصر تمرض ولكنها لا تموت، إن اعتلت اعتل العالم العربي وان صحت صحوا, ولا أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت, فقد تكررت مرتين في العصر الحديث, في أحداها وئدت المأساة في مهدها بتهديد حازم من مصر لمن كان يفكر في الاعتداء على الكويت, ذلك عندما كانت مصر في أوج صحتها.. أما في المرة الأخرى فهل تعلم كم تكلف العالم العربي برعونه صدام حسين في استيلاءه على الكويت؟ هل تعلم إن مقادير العالم العربي رهنت لعقود بسبب رعونته وعدم قدرة العالم العربي على أن يحل المشكلة بنفسه.

إن لمصر قدرة غريبة على بعث روح الحياة والإرادة في نفوس من يقدم إليها. انظر إلى البطل صلاح الدين, بمصر حقق نصره العظيم. أنظر إلى شجرة الدر, مملوكة أرمنية تشبعت بروح الإسلام فأبت ألا أن تكون راية الإسلام مرفوعة فقادت الجيوش لصد الحملة الصليبية

لله درك يا مصر الإسلام لله درك يا مصر العروبة 

إن ما تشاهدونه من حال العالم العربي اليوم هو ما لم نتمنه لكم. وأن كان هو قدرنا, فانه اقل من مقدارنا واقل من مقدراتنا. 
أيها الشباب أعيدوا تقييم مصر. ثم أعيدوا بث الإرادة في أنفسكم فالحياة أعظم من أن تنقضي بلا إرادة. أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم.

صدقت يا أستاذنا الجميل ما الحياه دون إراده؟ فها قد كان. لقد هب الشباب و ضحى بروحه ودمه من اجل إنقاذ مصر. مصر الرائده و القائده في حركات التحرير و التنوير و الثورات العربيه (مع الشقيقه تونس). فحمدا لله على سلامة عودة الشقيقه الكبرى.

و أخيرا و ليس اخرا أقول تحيا مصر...أم الدنيا



  

No comments:

Post a Comment